في عددها السابع عشر، تروم (سياق) استكشاف عوالم السياحة الثقافية وجمالياتها من خلال الحديث عن السفر والتنقل والترحال، حيث تمثل السياحة الثقافية نافذة فريدة نطل منها على عوالم مختلفة، وتتيح لنا التعمق في تاريخ الشعوب وحضاراتهم، واستكشاف تراثهم الإنساني، والتفاعل مع تقاليدهم العريقة وأشكال تعابيرهم الثقافية والفنية كافة، كما تمنحنا -قراءَ كنا أو مسافرين- فرصة الدخول إلى العوالم التي صاغها المؤلفون المحبوبون، ورؤية المناظر الطبيعية التي ألهمت القصص الخالدة، والسير في خطى عباقرة الكُتَّاب الأدبيين؛ فالأدب يمكنه أن يحول الأماكن العادية إلى مواقع ثقافية ذات أهمية؛ مما يوفر للقراء طريقة جديدة لتجربة الجغرافيا من خلال النص المسرود.
تتجاوز السياحة الثقافية مجرد زيارة المكان، إلى تجربة "الجغرافيا المتخيلة" التي وُصفت بأنها تفاعل ممزوج بين الخيال والواقع يسمح لنا بالانغماس بالكامل في المناظر الطبيعية المسرودة في قصصنا المفضلة، فالتعبير عن السياحة الثقافية أدبيًّا لم يكن يومًا مقصورًا على التفاصيل التمثيلية المحسوسة، بل متجاوزًا لذلك إلى التفاصيل النفسية العميقة التي تلامس وجدان الكاتب وقارئه فيما بعد.
ألم يسبق لك -قارئنا العزيز- أن تجولت في شوارع مدينة مرصوفة بالحصى، وأنت تحمل كتابًا في يدك، وشعرت بوجود الشخصيات التي كانت تتجول في تلك الطرق هي نفسها في صفحات روايتك المفضلة؟ بل وشعرت أحيانًا بعمق تجربة الكاتب النفسية وانفعالاته في رحلته لذاك البلد أو تلك البلدان المُزارة؟ إن هذه الكتابات ليست مجرد رصد لما رأته عين الكاتب للأمكنة، بل هي شعور بارتباط أعمق بالقصص والشخصيات التي شكلت خيالنا الأدبي، ما يجعل من هذه الكتابات منصة جاذبة لتلك الوجهات الثقافية ومرتكزًا تاريخيًا وحضاريًا مشكِّلًا للتجربة الإنسانية.
يبدأ هذا العدد بمتابعات لأهم المطبوعات والأخبار في حقل الأدب والنقد والفن والثقافة، وكل ما له صلة بالسياحة الثقافية، لننتقل بعد ذلك إلى قراءات نقدية موسعة لفهمٍ أعمق للعالم من حولنا، وإلى (فن السفر) ورحلات الحج الأدبية وأدلتها السياحية، وهي ما نجد تفاصيلها في مقالات هذا العدد ومراجعاته وقراءاته العلمية المختلفة. كما طافت بنا سياق إلى "حيث مساكن الفن" وهو ما تفرد به باب تشكيل، لنلج من خلالها باب الترجمة، ونفهم الرؤى والتطلعات الثقافية في تنمية هذا القطاع. ثم اعتلينا منارة باب الإسهام الشاب؛ لاكتشاف العلاقة بين السياحة الثقافية والإيكولوجية ومساراتها المختلفة.
عزيزي القارئ، نحن نؤمن بأن الدهشة هي مفتاح الابتكار والإبداع، ومن هذا المنطلق تهدف سياق إلى تقديم محتوى مميز يتجاوز الطرح التقليدي، كما تسعى إلى جذب انتباهك وإثارة فضولك؛ لتخلق لك تجربة قراءة لا تُنسى.
فاستعد؛ لتكتشف بمعيتنا الجوانب الخفية والمثيرة في مواد هذا العدد ، ونتشارك آراء كُتَّابه ونقاده، ومراجعاتهم التي تضعها سياق بين أيديكم، وتأخذكم في رحلة ماتعة حول كل ما ينير أفقكم عن السياحة الثقافية.
عزيزي القارئ، سيُشعل هذا العدد خيالك، ويحفزك في رحلتك القادمة؛ لترى الأماكن بصورة مختلفة!
هيئة التحرير
Comments